في عالم تملؤه التحديات الاجتماعية والاقتصادية، تبرز جمعية “خير وبركة والمرأة الجديدة” كنموذج مشرق للعمل الأهلي في مصر. منذ تأسيسها، وضعت الجمعية نصب أعينها هدفًا ساميًا: تحويل الأسر الأكثر احتياجًا من الاعتماد على المساعدات إلى الإنتاج والاعتماد على الذات، من خلال برامج مبتكرة ومشروعات متكاملة تمس مختلف جوانب الحياة.
على مدار سنوات، قدمت الجمعية مبادرات تنموية رائدة في مجالات التمكين الاقتصادي، الصحة، التعليم، ودعم الفئات الأكثر ضعفًا. واليوم، تواصل “خير وبركة والمرأة الجديدة” جهودها بالشراكة مع مؤسسات دولية ومحلية لتحقيق التنمية المستدامة، مستجيبة لاحتياجات المجتمع ومتصدية للأزمات بمرونة وكفاءة.
في هذا الحوار، ومع الأستاذ أحمد إسماعيل الرئيس التنفيذي لجمعية خير وبركة والمرأة الجديدة نسلط الضوء على أبرز إنجازات الجمعية، المشاريع الحالية، والخطط المستقبلية التي تهدف إلى بناء مجتمع قوي ومترابط يدعم رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة وإلى نص الحوار:
لماذا اخترتم عزبة خير الله لتكون المقر الرئيسي للجمعية؟
عزبة خير الله، إحدى أكثر المناطق غير المخططة في مصر، تضم أكثر من 800 ألف نسمة، يعتمد أغلب سكانها على العمالة اليومية كمصدر دخل أساسي. عندما بدأت جمعية خير وبركة والمرأة الجديدة عملها في المنطقة عام 2004، كانت تعاني من نقص في الخدمات الأساسية وتحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة، لكن الوضع تغيّر كثيرًا منذ ذلك الحين. اختارت الجمعية هذه المنطقة باعتبارها من الأكثر احتياجًا، ووضعت مشروعات تستهدف تحقيق الدمج المجتمعي، مع التركيز على صحة الأم والطفل، من خلال توفير التطعيمات اللازمة ضمن أولى مشروعاتها هناك.
منذ ذلك الوقت، أطلقت الجمعية عددًا من المبادرات لتطوير عزبة خير الله. على سبيل المثال، تعاونت الجمعية مع وزارة البيئة لإطلاق مشروع لجمع المخلفات الصلبة من المنازل، كما عملت على تحسين مداخل العزبة بالشراكة مع مؤسسة ساويرس. علاوة على ذلك، تواصلت الجمعية مع المصانع والشركات القريبة لتوفير فرص عمل لسكان المنطقة، مما ساهم في تحسين الظروف المعيشية للأهالي.
ما هي المشروعات الخدمية التي تم تنفيذها في عزبة خير الله؟
حرصت خير وبركة والمرأة الجديدة على توفير مشروعات خدمية تلبي احتياجات سكان عزبة خير الله. ومن بين هذه المشروعات، المطبخ التعليمي الذي يقدم دورات للأهالي حول كيفية إعداد وجبات غذائية متكاملة لمواجهة مشكلة التقزم. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء مستوصف طبي يخدم سكان المنطقة ويوفر لهم الرعاية الصحية الأساسية.
كما اهتمت الجمعية بتعليم الأطفال من خلال إنشاء 21 حضانة تؤهل الأطفال قبل دخول المدرسة. إلى جانب ذلك، تم تنفيذ برامج غذائية لكبار السن بالتعاون مع بنك الطعام المصري، بهدف توفير الدعم الغذائي للمحتاجين في العزبة.
كيف تم تنفيذ مشروع قرية القرعان في سوهاج؟
لم تقتصر جهود جمعية خير وبركة والمرأة الجديدة على عزبة خير الله فقط، بل امتدت إلى محافظات أخرى، مثل سوهاج، حيث نفذت الجمعية مشروعًا ضخمًا في قرية القرعان بالتعاون مع بنك القاهرة. شمل هذا المشروع تطوير المدارس من خلال تدريب المدرسين وتحديث البنية التحتية للفصول والمعامل، بالإضافة إلى توصيل خط مياه رئيسي بطول 3 كيلومترات بالتعاون مع شركة مياه الشرب.
كما شمل المشروع تحسين منازل الأسر الأكثر احتياجًا في القرية، من خلال تطوير الأسقف وتركيب شبكات الكهرباء والمياه. إلى جانب ذلك، نظمت الجمعية قوافل طبية وبيطرية، وقدمت أجهزة طبية للوحدة الصحية بالقرية، مما ساهم في تحسين حياة السكان بشكل كبير.
ما هي آلية تنفيذ مشروعات جمعية خير وبركة؟
تتبنى جمعية خير وبركة والمرأة الجديدة فلسفة تنموية شاملة تقوم على تنفيذ مشروعات مجربة عالميًا، حيث يتم قياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي لكل مشروع. تبدأ الجمعية بالتعليم باعتباره الأولوية الأولى، حيث تعيد الأطفال المتسربين من المدارس إلى التعليم وتوفر لهم كراتين غذائية تكفي أسرهم لمدة 6 أشهر.
وفي الخطوة التالية، يتم التركيز على الصحة من خلال إجراء كشوفات طبية شاملة للأسرة وتوفير العلاج اللازم. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الجمعية الدعم الاقتصادي للأسر عن طريق تدريبات تساعدهم على إنشاء مشروعات صغيرة مثل الرياشة، الخضروات، والبقالة. ويُمنح المستفيدون قروضًا حسنة مع خصومات تصل إلى 30% على قيمة القرض في حال التزامهم بالمعايير الموضوعة، مما يحفزهم على الالتزام بتطوير حياتهم وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
كيف يتم تطوير الطفولة المبكرة في جمعية خير وبركة؟
منذ بداية عملها في عزبة خير الله، وضعت الجمعية الطفولة المبكرة ضمن أولوياتها، حيث عملت على تطوير الحضانات المنزلية غير المرخصة. وفرت الجمعية الأثاث المناسب، ودرّبت الميسرات، ونظمت أنشطة ترفيهية للأطفال مثل الرحلات وأعياد الميلاد.
وفي حي الأسمرات، تولت الجمعية إدارة 11 حضانة تم افتتاحها من قبل فخامة الرئيس السيد عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، حيث تركز على تطوير المناهج التعليمية والسلوكيات التربوية للأطفال. تقدم هذه الحضانات خدمات متميزة بأسعار رمزية، كما تضم طاقم عمل يتجاوز 90 موظفًا من سكان المنطقة.
ما هي برامج الحماية التي تقدمها جمعية خير وبركة؟
تمتد جهود الجمعية إلى تقديم خدمات الحماية للأطفال وكبار السن. تدير الجمعية دارًا لرعاية الفتيات تضم 54 فتاة تتراوح أعمارهن بين 13 و30 سنة، بالإضافة إلى دارين لرعاية المسنين توفران كافة احتياجاتهم.
وفي أسوان، قدمت الجمعية دعمًا نفسيًا ومساعدات عينية ومنحًا تعليمية للاجئين السودانيين بالتعاون مع جهات دولية، مثل السفارة الأسترالية والمجلس النرويجي للاجئين، وهيئة إنقاذ الطفولة. تتحدد التدخلات بناءً على احتياجات اللاجئين، بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين بأسوان.
حدثنا عن مشروع “30 شهر نمو للحد من التقزم
“مشروع “30 شهر نمو للحد من التقزم” هو مشروع ممول من مؤسسة إيديتا للتنمية الاجتماعية، يتم تنفيذه في مناطق عزبة خير الله والأسمرات. يهدف المشروع إلى الحد من مشكلة التقزم من خلال توفير الرعاية الصحية المستمرة للأمهات والأطفال منذ فترة الحمل. يتضمن المشروع متابعة دورية للأم الحامل، إجراء التحاليل اللازمة، وتقديم الفيتامينات الأساسية، بالإضافة إلى تقديم النصائح الغذائية.
عند ولادة الطفل، يتم إجراء التحاليل الطبية اللازمة، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة لقياسات الوزن والطول ومحيط الرأس للتأكد من نمو الطفل بشكل سليم. يركز المشروع على ضمان أن الأطفال يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة في مراحل نموهم المبكرة، مما يساهم في الحد من التقزم وتحسين صحتهم العامة.
كما يتضمن المشروع إقامة مطبخ تعليمي حيث يتم تعليم الأمهات كيفية تحضير وجبات غذائية صحية بتكلفة أقل، مما يساعدهن على توفير طعام مغذٍ لأسرهن دون تكبد مصاريف إضافية.
حدثنا عن فكرة المطبخ التعليمي بالتعاون مع إيديتا للصناعات الغذائية
تتعاون الجمعية مع شركة إيديتا للصناعات الغذائية في المطبخ التعليمي داخل عزبة خير الله. يهدف المشروع إلى تعليم الأسر كيفية إعداد وجبات صحية متوازنة، ما يساهم في تحسين مستوى التغذية لديهم.
هل تقدم خير وبركة والمرأة الجديدة دعم للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر؟
من أهم مشاريع التمكين الاقتصادي مشروع ممول من مؤسسة دروسوس لدعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر. يركز المشروع على دعم الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، عبر تقديم المعونة الفنية والمادية لمساعدتهم في بدء مشروعاتهم الخاصة.
من الشركاء الداعمون؟
تعمل الجمعية مع عدد من الشركاء مثل وزارة التضامن الاجتماعي، دروسوس، شركة منصور القابضة للاستثمارات المالية، مشاريع مصر، مؤسسة بنك مصر لتنمية المجتمع، يونيسف (UNICEF)، بنك الإسكندرية، مؤسسة بنك مصر، مؤسسة كريدي أجريكول مصر، بلان انترناشيونال، بنك فيصل الإسلامي المصري، بنك الإمارات دبي الوطني، بنك القاهرة، مؤسسة ساويرس للتنمية، البرنامج القومي لتنمية الطفولة المبكرة، أديب، Save the Children، كوسبي، جيه بال، رايا، ماكدونالدز، مؤسسة إيديتا للتنمية الاجتماعية.
كيف تتعامل خير وبركة مع الأزمات وماذا قدمت خلال أزمة كورونا؟
أثناء جائحة كورونا، واجهت الجمعية تحديات كبيرة في عزبة خير الله، حيث تأثرت العديد من الأسر نتيجة اعتمادها على العمالة اليومية. عملت الجمعية على توفير مساعدات مالية للأسر المتضررة، بالإضافة إلى تقديم وجبات جاهزة من خلال المطبخ التعليمي. كما تم تجهيز مستشفى كاملة في حلوان لاستضافة المصابين بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي بالقاهرة.
حدثنا عن مشروع “دمج” لذوي الاحتياجات الخاصة
من المشاريع المستقبلية للجمعية، إطلاق مركز خاص بدمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تحت عنوان “دمج”، والذي سيتم افتتاحه في يناير القادم. المشروع ممول من مؤسسة بنك مصر ويهدف إلى دعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع.
ما هي رؤية الجمعية لتحقيق التنمية المستدامة؟
تسعى جمعيةخير وبركة والمرأة الجديدة إلى تحقيق التنمية المستدامة عبر تقديم التدريبات والدعم المالي والفني للأسر والجمعيات في المحافظات المختلفة. الهدف هو تحويل هذه الفئات من الاحتياج إلى الإنتاج، بما يحقق نقلة نوعية في حياتهم.
في رأيك ما دور المجتمع المدني في دعم الدولة؟
أكدت الجمعية على أهمية المجتمع المدني كذراع تنموي للدولة لدعم خططها في المجتمع المصري، مشيرة إلى الدعم الكبير الذي تقدمه وزارة التضامن الاجتماعي للجمعيات الأهلية، مما يسهل عملها ويعزز قدرتها على خدمة غير القادرين.